حكايات من غزة.. طبيب بالمستشفى الإندونيسى لـ”اليوم السابع”: نعمل لأيام متواصلة بدون راحة أو نوم.. شهيد وصلت أشلاؤه على دفعات كل نصف ساعة.. وذاكرتنا ممتلئة بمشاهد المجازر وغير قادرة على تخزين أو استيعاب جديد


بقلم : أحمد جمعة

الثلاثاء 31 أكتوبر 2024 الساعة 6:00 مساءً

قصص من غزة اليوم نناقش قصة د. خليل أبو مازن، طبيب في المستشفى الإندونيسي في قطاع غزة، يتحدث معنا عن التحديات التي يواجهها القطاع الصحي في قطاع غزة في ظل قلة الاحتياجات الطبية العاجلة.

دكتور. خليل أبو مازن يتحدث لـ”اليوم السابع” عن يومه في ظل هذا العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، مشيراً إلى أن الأطباء يعملون لساعات طويلة قد تصل إلى 96 ساعة متواصلة دون نوم أو راحة.

ووصف الطبيب الفلسطيني الوضع في مستشفيات غزة بشكل عام وفي المستشفى الإندونيسي بشكل خاص بـ”الكارثي”، مؤكدا أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يرتكب مجازر بحق الشعب الفلسطيني، حيث يدخل مئات الضحايا إلى المستشفى من كافة الجهات، وتقاسم الجثث ينتشر في كل مكان، بما في ذلك الأطفال والنساء وكبار السن.

ويصف الطبيب الفلسطيني المشهد في المستشفى الإندونيسي بالقول: الوضع كارثي لدرجة أن أشلاء شخص واحد تصل إلينا على دفعات، بفاصل نصف ساعة، وموزعة على سريرين أو ثلاثة. … الرضع والأطفال … الشباب والشابات … الرجال والنساء وكبار السن.

وارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 900 مجزرة بحق العائلات الفلسطينية في كافة مدن قطاع غزة، بالإضافة إلى تسجيل استشهاد ما يقرب من 8500 شهيد وجرح ما يقرب من 22 ألف آخرين خلال عدوان الاحتلال الإسرائيلي المستمر على غزة.

ومضى الطبيب الفلسطيني في وصف المشهد في المستشفى الإندونيسي بغزة: مشاهد أمهات حفاة يركضن بين الأسرة يتفقدن أحبائهن لمعرفة ما إذا كانوا على قيد الحياة أم أنهم تعرضوا للتعذيب… أطفال يبكون في ممرات المستشفى… آباء وأمهات. يصرخون على أبنائهم، ربما يرد أحدهم بعبارة: «أنا حي». مشاهد كافية لخلق العبثية المطلقة في عقلك. دش داخلي يختلف تماماً عن الدش الذي تراه أمامك.

وعن أكبر التحديات التي يواجهها الأطباء، يقول الطبيب الفلسطيني: ولعل التحدي الأكبر بالنسبة لي كطبيب هو إعلان استشهاد أحدهم لعائلته. وكنت حذراً جداً في اختيار كلماتي تجاههم. أخبرهم بطريقة تدفئ قلوبهم.. هذا المشهد لا يحدث على الفور. هذا هو المشهد بأكمله في اليوم الأول… حرفياً كل دقيقة حدثت فيه.

وعن أبشع المجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال وعددها ومشاهد بعضها يقول الطبيب الفلسطيني: لم أعد أتذكر أياً من المجازر. لقد امتلأت ذاكرتنا ولم تعد قادرة على تخزين أو استيعاب أي شيء جديد. مجزرة جديدة تمحو مجزرة قديمة من الذاكرة وتأخذ مكانا في أذهاننا. كالعادة، عندما نسمع أصوات سيارات الإسعاف وصوت أقدام المسعفين وهي تجري في أروقة المستشفى بخطوات ثقيلة وكأنها مقيدة بأكياس الرمل من التعب، نركض إلى الاستقبال لاستقبال الحالات.

وقال الطبيب الفلسطيني، واصفاً مشهد الحالات التي تصل إلى المستشفى لتلقي العلاج: طفل يبلغ من العمر 10 سنوات أحضره المسعفون إلى الاستقبال، مصاباً بجروح في ساقيه… وكأنه مصنوع من العجين. ومن سوء حظه أنه على قيد الحياة – ومن حسن حظه أن يكون شهيداً – فقد كان الطفل، بكامل وعيه، يتحدث إلينا بشكل طبيعي.

وينقل الطبيب الفلسطيني طبيعة الحديث الذي يدور بينه وبين الطفل المصاب ويقول: خلال تعاملنا معه.. دكتور هل سأعيش؟.. يا عم.. ستعيش لا تخف …دكتور عندي اخ صغير عمره شهرين…امي جهزت له الحليب ليرضعه لكن…قصفونا ولم يرضع..حبيبتي ان شاء الله يرضعون سوف يعيده وسيتم إرضاعه في المستشفى. لا تخافوا.. هل يعيش طبيبا؟ سمعته يصرخ أثناء خروجهم من تحت الأنقاض، وفي غضون 5 دقائق كان الطفل أحد المصابين الذين جاءوا إلى استقبالنا.

يكمل الطفل حواره مع الطبيب ويقول: دكتور هذا أخي. أجاب الطبيب: لا تقلق، فهو بخير. الحمد لله، وتأكدنا من أنه بخير. ويؤكد الطبيب الفلسطيني أنه بعد التأكد من حالة الطفل جاء خبر استشهاد والدته، وطلبت إحدى الممرضات الطفل وأخذته إلى غرفة المعيشة. ودعت الممرضات لإرضاعه، فأرضعته وأخرجته، وأضافت: كتبت اسمه كاملاً على ورقة صغيرة واحتفظت بها لنفسها.

وتشهد مستشفيات غزة مشاهد قاسية نتيجة اعتداءات جيش الاحتلال الإسرائيلي على بعض المستشفيات ومحيطها، ما أدى إلى سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى، أكثر من 40% منهم من الأطفال والرضع.

طفل فلسطيني مصاب في غزة

دكتور. خليل أبو مازن يقدم الإسعافات الأولية لطفل


دكتور. خليل أبو مازن في المستشفى







source : m.youm7.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *