القلم الرصاص | حسن مدن

دكتور حسن مدن
نستذكر الأبيات الشعرية العذبّة للشاعر بشارة الخوري، المعروف بـ”الأختال الصغير”، التي غنتها السيدة فيروز، وجاء في بدايتها: “يبكي ويضحك لا حزناً ولا فرحاً/ مثل العاشق الذي كتب جملة مليئة بالعاطفة ثم مسحها.” وإذا انتقلنا إلى المعنى المباشر للمعنى، بعيداً عن الاستعارة والدلالات، فسيتعين علينا أن نتخيل أن جملة الهوى التي كتبها هذا العاشق كتبت بقلم رصاص. “، فكان من السهل على المحب أن يمحوها، بعد أن يفحص الأمر في نفسه. فمثلا، لو كتبها بالحبر السائل، لم يمحها، بل كان يشطبها بتوتر فقس كلماته”. بنفس الحبر مما يصعب قراءته ويحوله إلى مستطيل داكن.

وهي ميزة مجرد قلم الرصاص الذي يكتب ويمسح، خاصة أنه أصبح من الشائع أن تحمل الحلقة المعدنية الموجودة في أسفل القلم ممحاة لمسح ما كتبه، كما يفعل المحب بالقلب الذي “كان” ‘. اعتاد الملذات عندما كان صبياً/ مثل الزر الذي تلمسه الريح وينفتح”، كما وصفه “الخطأ الصغير”. لكن التكنولوجيا الحديثة تفوقت على الممحاة في مسح ما كتب، فلمسة لطيفة لكلمة “حذف” تكفي لحذف كل ما هو مكتوب، بغض النظر عن الغرض من الحذف، وهو ما نلاحظه كثيرا على حساباتنا المتعددة “واتساب” على سبيل المثال، هل يتم حذف الرسائل قبل أن نقرأها. فنحن في حيرة من الأمر: هل أرسلها إلينا بالخطأ، فاهتم بها المرسل وألغاها قبل أن تراها أعيننا، أم ظننا أنه كتبها في لحظة غضب، فسرعان ما قمعها؟ غضبه وحذفه، أم ظننا أنه كتبها في لحظة تألق، قبل أن ندرك أنه بالغ في التعبير عن عبقريته؟ وهذا “الإزالة” سهّل على الكثيرين حذف المنشورات أو التغريدات التي نشروها، خوفا من العواقب الوخيمة، بعد أن أدركوا عواقبها.

ولنتأمل أن قلم الرصاص الذي يزعمون، وربما كان ادعاؤهم صحيحا، قد تم تصنيعه على نطاق واسع في نورمبرج بألمانيا عام 1662، واستمر ذلك حتى فترة الحروب النابليونية، حيث لم يكن من الممكن الحصول على أقلام الرصاص. في فرنسا بسبب انقطاع الواردات. فالسياسة، كما قلنا أكثر من مرة، لا تترك شيئا دون أن تقلبه، ولا حتى قلم الرصاص. على سبيل المثال، قال رئيس المخابرات العسكرية الأوكرانية، وهو يشير إلى خطأ المبالغة في قدرة بلاده على إلحاق هزيمة مدمرة بروسيا: “إن الحرب لن تنتهي بعرض عسكري أوكراني وسط موسكو، وهو في الغالب فالحرب لن تنتهي بعرض عسكري أوكراني وسط موسكو. وما تهدف إليه كييف هو خلق رادع محدود للتعامل مع الحملة الشتوية المتوقعة لروسيا، وربما التخفيف من عواقبها. وسأل من الإحباط: هل قلم الرصاص قوي أم ضعيف؟ يعتمد الأمر على الطريقة التي تنظرون بها إلى الأمر”، مما يعني أن أوكرانيا، حتى لو بدت ضعيفة مثل القلم، تواصل دفاعها، لكنه تجنب قول الباقي: هذا يعتمد على الدعم المستمر منكم، حلفائنا. لنا. لن نكون قادرين على القيام بذلك بمفردنا.

(البريد الإلكتروني محمي)

source : www.alkhaleej.ae

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *