انهار المنزل وسقطت الحجارة وامتلأ القلب بالخوف. ذلك المنزل الذي كان ملجأً أصبح خرابا وركاماً، وأصوات صراخ الأطفال تتردد في كل مكان، وها هي الدموع تغسل الدماء، أطفال يموتون وآخرون يموتون. يكون… أين الإنسانية من كل هذا؟
إن جشع البشر وأنانيتهم، وجشعهم وافتقارهم إلى الإنسانية، وتجاوزهم لجميع الحدود وصراعاتهم المدمرة، هي الحرب القاتلة التي لها عواقب مدمرة على الأطفال، الذين هم في كثير من النواحي الفئة الأكثر تضررا. الشكاوى الجسدية، حيث يعاني هؤلاء الأطفال من مشاكل صحية وعقلية نتيجة الحرب.
ولعل المشكلة النفسية الأبرز هي اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD). مما يجعل الطفل يعيش نفس التجربة مراراً وتكراراً في ذهنه، مثل الخوف من الأصوات العالية، مما يجعله يبتعد عن المكان الذي يذكره بمشاهد الحرب والإرهاب، كما يبتعد تلقائياً عن الأشخاص المرتبطين به. حيث نرى هؤلاء الأطفال يعانون من تغيرات في احتياجاتهم اليومية، كالأكل والنوم، كما نلاحظ تقلبات في مزاجهم وسلوكهم.
النتائج واضحة؛ قتل أو تشويه أو تجنيد الأطفال للقتال والاغتصاب وأشكال العنف الأخرى. بعد انتهاء الحروب، يتسبب الوقت في التغلب على المشكلات أو نسيانها. لكن ما لا نراه ولا يمكن محوه دون علاج ومتابعة هو الأثر النفسي الذي يحمله الطفل في قلبه ومشاعره وجسده. إنه الدمار النفسي الذي لا يلتفت إليه للأسف في عالمنا العربي، لكنه الأساس في السيطرة على المشاكل التي ستؤثر على جيل كامل في العالم. الوقت لا يشفي الصدمات النفسية، بل يثبتها ويغذيها. وتختلف ردود الفعل بحسب تجربة الطفل الشخصية، ولعل أبرزها الخوف والشعور بالخسارة والعجز..
يعد اكتشاف هذه الحالات أهم خطوة في عملية العلاج. إن العائق الرئيسي أمام اكتشاف وتشخيص هذه الحالات لدى الأطفال هو عدم قدرتهم على التعبير عما يمرون به. من هنا تأتي أهمية السيطرة على هذه الحالات ومساعدتها على التغلب عليها ويجب الانتباه إلى الأعراض النفسية أو المرضية التي تحدث عند الطفل مثل صعوبة التنفس، القلق، تغير السلوك أو العداء، تغير العادات الغذائية، تغير في السلوك. نوعية النوم، والصداع، أو مشاكل جسدية حقيقية أو متخيلة. الألم بسبب التعذيب ومشاهد العنف التي رآها، وغالباً ما يعبر الصبي عن مشاعره الحقيقية من خلال تمثيل وإعادة تمثيل مشاهد الحرب، وأيضاً من خلال الرسم، تراه تظهر عليه العديد من الأعراض النفسية مثل الاكتئاب والحاجة المزمنة للمودة والاعتماد النفسي والعاطفي والقلق المستمر والتوتر الشديد والعزلة عن المجتمع وغيرها من المشاكل النفسية الخطيرة مثل الذهان دون أن يغادر آثار حياته الاجتماعية والتربوية ينسى. الحرب..
هؤلاء الأطفال أصغر من أن يفهموا ما يحدث، وليس لديهم الموارد اللازمة للدفاع عن أنفسهم. وإذا لم يتم قتلهم أو أسرهم، فإنهم إما يتعرضون للتعذيب والهمجية أو يُجبرون على الدخول في صراع تحت الإكراه. دون اختيار.
هناك عدة طرق للتعبير عن الروابط بين الأطفال والحرب؛ أطفال الحرب، أطفال الحرب، الأطفال ضحايا الحرب والأطفال الذين يشهدون الحرب.
الحرب تحول الطفل إلى شخص مختلف، يتغير نتيجة الخوف والفوضى. لحظات قصيرة تمحو بصمات الطفولة والبراءة والأحلام، ويستبدل الشعور بالأمان والاستقرار والحب بالحزن وفقدان الأمل بمستقبل مشرق. من طفل عاشق للحياة، إلى شخص مسن تخلى عن طموحاته قسراً، إلى شخص أصبح يخاف من الحياة نفسها، يخاف أن يحلم أو يفكر.
* شيرين يوسف أخصائية نفسية إكلينيكية ومعالجة نفسية.
**الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة آراء CNN Economics.
source : cnnbusinessarabic.com