القاهرة تستضيف جولة جديدة من مفاوضات «سد النهضة»

ما أسباب لجوء الأطراف الليبية إلى شركات العلاقات العامة الأجنبية؟

يعود الجدل في ليبيا من جديد، بسبب تسريبات يتم تداولها بين الحين والآخر حول استعانة سياسيين ومؤسسات ليبية بشركات علاقات عامة أمريكية للتواصل مع دوائر صنع القرار هناك مقابل ملايين الدولارات، في بلد يعاني انقسامات سياسية مزمنة وتدهور أمني الأزمات منذ عام 2011.

وتشير التقارير إلى أن غالبية الحكومات الليبية التي سيطرت على البلاد خلال العقد الماضي، تواصلت مع شركات أجنبية لمساعدتها على التواصل مع الأطراف الغربية بعد بقائها في السلطة.

ووزعت وسائل إعلام محلية وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي الليبية، الأسبوع الماضي، صورة لعقد بين مجلس النواب وشركة فوغل الأمريكية، بهدف تقديم استشارات إعلامية للمجلس وتعزيز التعاون مع البيت الأبيض والكونغرس والولايات المتحدة. Ministrys.Ease. والوكالات لمدة عام واحد بقيمة إجمالية تبلغ حوالي 1.1 مليون دولار.

لقاء بين صالح ووفد نقابي (أرشيف- مجلس النواب الليبي)

واطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة من العقد على موقع وزارة العدل الأميركية، والذي يلزم الشركات التي تتعامل مع جهات أجنبية بالإعلان عن أنشطتها.

وفي ظل تصاعد الجدل في ليبيا حول أسباب لجوء الأحزاب السياسية إلى شركات علاقات عامة أجنبية، نفى مصدر مسؤول في مكتب رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، في تصريح لـ”الشرق الأوسط”، ما قاله “كل عضو في مجلس النواب وقع على هذا العقد” وقال: “هذا البيان باطل”.

لكن عضو المجلس الأعلى للدولة سعد بن شرادة قال لـ«الشرق الأوسط»: «هناك سوابق في ليبيا للاستعانة بشركات علاقات عامة في أميركا وأوروبا». والحكومات التي تولت شؤون البلاد سابقاً “كانت حريصة على البقاء في السلطة منذ الانقسامات التي حدثت عام 2014 وسعت إلى الحصول على الاعتراف”.

وتساءل بن شرادة “إلى أي مدى يجب على مجلس النواب، باعتباره مكتبا منتخبا، الاستعانة بمثل هذه الشركات” التي قال إن بعضها “يمارس الاحتيال”.

عقيلة صالح (نائب ليبي)

ولم تكن هذه التسريبات الأولى من نوعها، إذ سبقتها حوادث مماثلة تتكرر منذ سنوات، دون استجابة من أطرافها والأطراف المذكورة فيها.

البداية لتلك الشركات كانت في أبريل 2015، عندما أفاد موقع PRWeek الأمريكي أن السفارة الليبية في الولايات المتحدة وقعت عقدا مع شركة Corvis MSL لتقديم خدمات العلاقات العامة بعقد قيمته مليون دولار.

وخلال الحرب على العاصمة طرابلس، نشرت صحيفة “المرصد” الليبية عام 2019 صورا لما زعمت أنها عقود وقعتها “حكومة الوفاق” السابقة، بقيادة فائز السراج، مع إحدى شركات الضغط في واشنطن. “لتغيير موقف الحكومة الأمريكية لصالح الحكومة في الحرب، خاصة بعد دعوة الرئيس”. استقبل دونالد ترامب السابق قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر، وأشاد بدوره في الحرب على الإرهاب.

وبعد شهر من الحادثة مع «حكومة الوفاق» السابقة، عادت الصحيفة المحلية ذاتها لتكشف عن توقيع عضو «المجلس الرئاسي» السابق أحمد معيتيق عقداً لصالحه، واعتمدت الصحيفة على موقع وزارة العدل الأميركي. .

كما طالت التسريبات حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة. وفي عام 2024، تحدث الصحافي المختص بالشأن الاقتصادي أحمد السنوسي، عن كيفية توقيع حكومة دبيبة عقداً مع شركة علاقات عامة في أميركا بقيمة مليوني دولار سنوياً، إضافة إلى «نفقات الحفلات والهدايا وغيرها».

رئيس حكومة الاستقرار الأسبق فتحي باشاغا (الاستقرار)

وفي العام نفسه، كشف تقرير نشره موقع إنتليجنس أونلاين – أفريقيا، أن شركة هافاس الفرنسية المتخصصة في العلاقات العامة والإعلان، “ساعدت رئيس وزراء شرق ليبيا السابق فتحي باشاغا، خلال جولته في الدول الأوروبية، في بناء شبكته لبناء العلاقات الخارجية بهدف حشد الدعم”. وترشح الأجنبي للانتخابات الرئاسية في ليبيا، فيما تراجعت شعبيته في بلاده.

ويقول الباحث الليبي محمد محفوظ لـ«الشرق الأوسط»: «القضية ليست جديدة، فقد اعتدنا على وجود شخصيات ومؤسسات سياسية تتعاقد مع شركات ضغط لتقديم المشورة والتنسيق السياسي للبقاء في السلطة من خلال شراكات وصفقات وثيقة مع» حفلات خارجية.”

وأضاف: “إن هذه الأطراف والشخصيات (ومنهم من سيقود الحكومة المقبلة) تدرك أن كل المؤشرات من المشهد في ليبيا تؤدي إلى مسار سياسي تقوده الأمم المتحدة، وبالتالي فإن الموضوع يحتاج إلى مواقف دولية مفادها أن طرفا بعينه، ويتابع: “ترى هذه الشخصيات ضرورة تعزيز مواقفها لدى الأطراف الدولية، وخصوصاً الولايات المتحدة، التي تدعم فرصها في البقاء على الساحة”.

رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عبد الحميد الدبيبة (د ب أ)

وتحتل ليبيا مكانة ضمن قائمة “الدول العشر الأكثر فسادا في العالم”، بحسب تقرير منظمة الشفافية الدولية في فبراير/شباط الماضي، ويعرب المراقبون عن قلقهم من تدخل المال العام والخاص في هذه العقود.

يقول الباحث محمد محفوظ: “إن إنفاق الشخصيات السياسية الليبية من أموالها الخاصة على العقود مع هذه الشركات أمر يخصها، لكن المشكلة هي إبرام العقود مع هذه الشركات من الخزينة العامة الليبية، واستخدام مواردها لهذه الأغراض”.

ووصف أستاذ العلاقات الدولية بجامعة درنة يوسف الفارسي الإنفاق بهذا المستوى بأنه “سخيف”. واعتبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه الممارسات جزء من نظام أوسع من هدر المال العام تمارسه جهات رسمية في ليبيا».

ويرى محللون، ومن بينهم الفارسي، أن “إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية يمكن أن يكون وسيلة لوقف هذا الإنفاق التعسفي واستعادة الاستقرار في ليبيا”.

source : aawsat.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *