“قارئ لساعات”: عن الكُتب والطبقية

إنه سيلسو، رجل الأعمال الثري. لقد أصيبت ابنته لورينا بالعمى للتو، لكن ليس لديه ما يكفي من الوقت ليقضيه معها. وبما أنها تحب القراءة، فسوف يتعاقد مع شخص اسمه إسماعيل. محتوى العقد كالتالي: يجب على إسماعيل أن تقرأ نصوصها من الذخيرة الأدبية العالمية. لن تكون المهمة سهلة؛ يتطلب من القارئ أن يكون محايدًا لفظيًا قدر الإمكان. لكن القوة الشعرية للنصوص المختارة والموقف نفسه يقودان الشخصيات الثلاثة إلى متاهة عاطفية لا يمكن السيطرة عليها.

هذه هي حبكة مسرحية “قارئ لساعات” للكاتب والمخرج المسرحي الإسباني خوسيه سانشيز سينيسترا (1940)، والتي تعرض حاليا في قاعة صامويل بيكيت في برشلونة. أسس سينيسترا بنفسه هذه القاعة عام 1989، كمنصة لما أسماه “مسرح الحدود” في ذلك الوقت.

وهي المرة الأولى التي ينقل فيها النص الذي كتبه الكاتب المسرحي الإسباني عام 1999 إلى المسرح. وتتعمق المسرحية، التي تستمر حتى 29 أكتوبر الجاري، في مسرحية نصية شاذة وغامضة، حيث تتداخل الحدود بين الواقع والخيال، لدرجة أن المشاهد سيتساءل طوال مدة العرض الذي يستمر قرابة الساعتين. ، أسئلة محيرة مثل: من يقرأ؟ ما هي النوايا التي يخفيها كل نص؟ لماذا هذه النصوص تحديدا؟

لا توجد قراءة محايدة لأي نص، حتى لو كان أدبي

وستصبح المسرحية أكثر إثارة عندما نتعرف أكثر على تفاصيل العقد الذي يوقعه سيلسو مع إسماعيل، الذي يجب عليه تجنب أي شكل من أشكال التواصل مع لورينا، باستثناء قراءة النصوص الأدبية التي تختارها. لكن هذا لن يحدث؛ يتورط إسماعيل عندما تشاركه لورينا مشاعرها واهتماماتها وانطباعاتها حول النصوص التي يقرأها لها بناءً على طلبها. وعلى عكس الفتاة، سيبدو والدها غير مهتم على الإطلاق بما يقرأه إسماعيل. على العكس من ذلك، عندما يظهر سيتفاخر بثروته أمام عينيه ويتباهى بمكتبته الهائلة المليئة بالكتب التي لم يقرأها من قبل. بل تم جمعها للزينة والمظهر، وهي ببساطة موجودة.

تؤكد القطعة، من بين أمور أخرى، على أهمية الكتب والقراءة. فهو يبين لنا أهمية القارئ باعتباره خالق النص، لكنه في الوقت نفسه يؤكد أيضا على استحالة الحياد عند قراءة أي نص، حتى لو كان أدبيا. لكن أبعد من كل هذا، يتناول «قارئ لساعات» موضوع الثراء الشديد والفروق بين الطبقات الاجتماعية، ويظهر ذلك واضحًا في الحوارات التي تدور بين لورينا وإسماعيل، والتي تصفه فيها أكثر من مرة: كما خادم الأغنياء وليس أكثر، خاصة بعد قراءة نصوص المكسيكي خوان رولفو، والإنجليزي البولندي جوزيف كونراد، والألماني أرتور شنيتزلر، وغيرهم الكثير.

هذه الحوارات التي تثيرها لورينا ستؤدي في النهاية إلى فسخ عقد إسماعيل، أو إلى الخادم – كما ستخاطبه في نهاية العمل – مغادرة المنزل، تاركة للمشاهد نهاية تخلق العلاقة الصعبة والشائكة بين الأب وابنته كما يشاء، وكأن سينيسترا يدعو المشاهدين إلى خلق خاتمة المسرحية، كل حسب قراءته.

source : www.alaraby.co.uk

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *