الكتب الخارجية.. وأسئلة ما بعد الاستحواذ – محمد علاء عبد المنعم


تم النشر بتاريخ: الثلاثاء 3 أكتوبر 2024 – 9:45 مساءً | آخر تحديث: الثلاثاء 3 أكتوبر 2024 – 9:45 مساءً

ظهرت مؤخراً إعلانات عن كتب أجنبية في مختلف الشوارع والقنوات التلفزيونية، وانتشرت بين تلاميذ المدارس المصرية منذ ستينيات القرن الماضي. ويتزامن ذلك مع مرور عام على إطلاق منصة تعليم مصر المملوكة لصندوق مصر السيادي ومجموعة هيرميس. والتي حصل من خلالها على حصة أغلبية في إحدى أهم شركات الكتب الأجنبية.
بدأ حظر إنتاج وتوزيع الكتب الأجنبية في ستينيات القرن الماضي، إلا أن توزيعها والإعلان عنها أصبح أمرا شائعا، حتى اختفت هذه الإعلانات مع استمرار الرفض الرسمي للدروس الخصوصية والكتب الأجنبية المرتبطة بها، حتى أنها أصبحت عمليا لا غنى عنها في التعليم، الأمر الذي تحول التعليم إلى التعليم البديل من خلال الدروس الخصوصية بمختلف أشكاله، بعد أن تراجعت المدارس والتعليم الرسمي إلى زاوية مظلمة. لا يكاد يمر الطلاب على مدرستهم في مراحل التعليم المختلفة، وخاصة في المراحل المتقدمة، وخاصة في المرحلة الثانوية، إلا بنجاح.
تاريخياً، شددت يد الحكومة بين الحين والآخر في مجال الكتب الخارجية والدروس الخصوصية، وتراخت تارة أخرى، وكثيراً ما ارتبط هذا الموضوع بالموقف والأسلوب الذي تعامل به وزير التربية والتعليم مع الأمر. التدريس الخصوصي.
تعامل بعض الوزراء مع الدروس الخصوصية من خلال تطبيق القانون بشكل صارم، والتدخل المباشر لإغلاق مراكز الدروس الخصوصية ومعاقبة المشاركين فيها، ومنهم من شارك في تأليف كتب خارجية ومن موظفي وزارة التربية والتعليم. على سبيل المثال، في عام 2010، أقال وزير التربية والتعليم الأسبق أحمد زكي بدر مدير مركز تطوير المناهج وألغى تكليف وتعاقد عدد من المسؤولين بالمركز بسبب مشاركتهم في تأليف كتب خارجية بالإضافة إلى عملهم في المركز. مركز. الوزارة.
وعلى الجانب الآخر جاء د. اصطدم طارق شوقي وزير التربية والتعليم الأسبق مع ناشري الكتب الأجانب، لكنه تبنى فعلا فكرة تجفيف الطلب على الدروس الخصوصية والكتب الأجنبية من خلال تطوير المناهج وطرق التدريس، وتطوير امتحانات لقياس الفهم بدلا من الحفظ. مما سيؤدي إلى عدم الحاجة إلى الدروس
الخصوصية لأن المعلم الخاص لا يستطيع إعداد الطلاب بطرقه التقليدية للاختبارات المبنية على قياس القدرات والمهارات. وعلى صعيد طرق التدريس، اعتمدت استراتيجية إصلاح التعليم التي أطلقها الوزير عام 2017، مبدأ حرية الطلاب في اختيار المواد التعليمية التي يعتمدون عليها في دراستهم، وذلك من خلال الاختيار من بين المواد التعليمية المتاحة على قاعدة المعرفة المصرية.
وعلى الرغم من الطموح الذي تجسده هذه الاستراتيجية، والأمل الذي رافقها، فقد أظهرت التجربة أن البنية التحتية المعلوماتية، وبنية المدارس، وقدرات المعلمين وتوجهات الإداريين، بالإضافة إلى ثقافة أولياء الأمور والطلاب، ليست كذلك. من ناحية أخرى، أثبت السيناتور أن الدروس والمعلمين الخصوصيين يمكنهم التعامل مع نظام التعليم الجديد بشكل أفضل من المدارس الحكومية التي ظلت كما كانت بسبب غياب المعلمين وضعف الإدارة.
ومن ناحية أخرى، يبدو أن وزير التربية والتعليم الحالي د. ويرى رضا حجازي أن تقنين وتنظيم مراكز الدروس الخصوصية هو النهج الأكثر واقعية لمعالجة هذه الظاهرة، حيث لم يعد من الممكن إنكارها رسميًا. ووفقا للإحصاءات الرسمية، فإن غالبية الطلاب يثقون به.
ورغم أن الوزير طرح هذه الفكرة في إحدى جلسات مجلس النواب في أكتوبر الماضي مع بداية تعيينه في منصبه، إلا أنها لم تظهر على المسرح منذ ذلك الحين.
• • •
الارتفاع المبالغ فيه في أسعار الكتب الأجنبية قبل بداية العام الدراسي الحالي 2024/2024 يؤكد أهمية هذه الكتب. وارتفعت أسعارها ما بين 35% و40%، وقام بعض التجار بفرض أسعار إضافية أو «المبالغة في الأسعار»، حيث أصبحت هذه الظاهرة معروفة في أسواق السيارات.
وقد عالجت وسائل الإعلام والبرلمان هذه القضية من خلال إدانة الاعتماد على الكتب الأجنبية، ورفض الزيادات المفرطة في الأسعار، واقتراح البدائل التي كان بعضها منطقيا، مثل إدخال طرق التدريس التي أوصت بها وزارة التربية والتعليم المقدمة لقاعدة المعرفة و القنوات التلفزيونية. وبعضها كان غير واقعي كالرجوع إلى دفاتر الوزارة.
أدخلت هذه القضية ألغازا خلقت بلبلة وأسئلة ظلت لسنوات دون إجابة، وشكوكا لم يتم تأكيدها أو نفيها.
على سبيل المثال، لماذا تستمر وزارة التربية والتعليم في طباعة ملايين الكتب كل عام، رغم أن نسبة محدودة من الطلاب يستخدمونها؟ وكيف يشارك أحياناً خبراء من وزارة التربية والتعليم في كتابتها؟ ما طبيعة مشاركة عدد من دور النشر في تصميم كتب الوزارة والكتب الأجنبية؟
فكيف يمكن وقف هذا الهدر وتحويل الفائض إلى العملية التعليمية؟ كيف يمكن تفعيل دور قاعدة المعرفة المصرية لتحسين العملية التعليمية بالشكل الذي يقبله الطلاب؟
تتطلب مثل هذه الأسئلة دراسات متعمقة، وسيتعين على الباحثين في السياسة العامة والسياسة المقارنة اللجوء إلى نظريات مجموعات المصالح والنقاط الحاسمة التي يمكن أن تتغير عندها السياسات العامة.
• • •
يمكن اعتبار استحواذ الصندوق السيادي المصري على حصة في واحدة من أهم شركات الكتب الأجنبية للتعليم ما قبل الجامعي نقطة حاسمة في سياسة التعليم، خاصة عندما يتعلق الأمر بالكتب المدرسية، على الرغم من صعوبة تحديد اتجاهها الآن يكون.
من الناحية الاقتصادية، يعد الاستثمار في التعليم نشاطًا اقتصاديًا مهمًا في العديد من دول العالم، وهناك شركات دولية عابرة للحدود تنشط في هذا المجال.
لا شك أن قطاع الكتب الأجنبية قطاع مربح، وبالتالي فإن اختيار هذا القطاع كقطاع استثماري هو قرار رشيد من صندوق مصر السيادي ومجموعة هيرميس، خاصة بعد الارتفاع الأخير في أسعار الكتب الأجنبية.
وفي الواقع، يعد الاستثمار في التعليم ما قبل الجامعي أحد الأهداف الإستراتيجية لصندوق مصر السيادي، ويمكن أن يؤدي إلى نتائج إيجابية في قطاع التعليم، خاصة للطبقتين المتوسطة والعليا. وقد بدأ الصندوق عدة شراكات في هذا المجال، من بينها الشراكة مع مجموعة هيرميس، من خلال الاستثمار في “صندوق التعليم” الذي أنشأته المجموعة عام 2018 بالتعاون مع مجموعة جيمس للتعليم من الإمارات، بهدف الاستثمار في التعليم المصري. القطاع للضخ. تقدر بـ 300 مليون دولار.
ومن ناحية أخرى، يمكن للكتب الخارجية، وحتى الدروس الخصوصية، أن تساهم في تحسين العملية التعليمية، وقد أثبتت العديد من الدراسات المقارنة التي تناولت هذا الموضوع وجود الدروس الخصوصية في العديد من دول العالم، بما في ذلك الأنظمة التعليمية الناجحة. مثل السويد وفنلندا. لكن في الحالات التي تلعب فيها الدروس الخصوصية دورا إيجابيا، فإن دورها يكون مكملا لدور المدرسة، على سبيل المثال مساعدة الطلاب الذين يواجهون مشاكل تعليمية معينة، بما في ذلك المساعدة في إنجاز الواجبات المدرسية، ولكن المشكلة تظهر عندما يكون دور الدروس الخصوصية – تعظيمها كبديل للمدرسة وليست مكملة وداعمة كما هو الحال في التعليم المصري.
وبنفس المنطق، فإن الإصلاحات في السياسات المتعلقة بالكتب المدرسية والكتب الخارجية وتنظيم عمل مقدمي الدروس الخصوصية يمكن أن تساهم في تحسين العملية التعليمية وتحقيق توزيع أفضل لموارد وزارة التربية والتعليم.
بعد الاستحواذ هل تستطيع الشركة المنتجة للكتاب الخارجي تطوير المحتوى التعليمي والاستفادة من البنية التحتية الرقمية المتاحة بما فيها قاعدة المعرفة المصرية لتسهيل الحصول على المواد التعليمية وتحسين طرق التدريس للجميع؟
فهل يمكن تكامل تنوع المحتوى التعليمي على المنصات الرقمية الذي وعد به صندوق الثروة السيادية بعد الاستحواذ مع ما حققته استراتيجية إصلاح التعليم في السنوات الأخيرة، على سبيل المثال من خلال تفعيل أدوار قاعدة المعرفة المصرية والقنوات الرسمية المصرية؟ وزارة التربية والتعليم ؟
كيف يمكن توسيع نطاق المستفيدين من استثمارات صندوق مصر السيادي في مجال التعليم؟
ومن المهم أيضًا التساؤل عن كيفية إدارة التعاون بين الأقسام الجديدة للكتب الخارجية ووزارة التربية والتعليم بما يسمح بإدارة هذه الكتب والخدمات المرتبطة بها في خدمة العملية التعليمية ووضع حد للهدر الناتج عن العديد من الكتب. قضى على نفس الدورة لطالب واحد.
نحتاج إلى إجابات لهذه الأسئلة حتى يمكن مناقشة عوائد التعليم والتنمية من هذه الاستثمارات إلى جانب العوائد الاقتصادية.


source : www.shorouknews.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *